في السادسة من مساء الخامس والعشرين من فبراير 1986، خرج ثمانية آلاف جندي في مظاهرات احتجاجية، مدججين برشاشاتهم وبنادقهم، وفوق رؤسهم خوذاتهم السوداء لتحطيم فندق "الجولي فيل" المواجه لأحد معسكرات الأمن المركزي، بعد أن ترددت بينهم أنباء تفيد بقرار مد فترة التجنيد الإجباري من ثلاث سنوات إلى أربع، وانفجرت انتفاضة الأمن المركزي، التي أطاحت باللواء أحمد رشدي وزير الداخلية حينها، وأجبرت قوات الجيش على التدخل لؤدها، في أول صدام بين المؤسستين العسكريتين في مصر.
هاجس تكرار السيناريو المحتوم، بالإطاحة بالوزير، ظهر من جديد بعد إشاعة إحدى صفحات الإخوان بمدة فترة التجنيد الإجباري للأمن المركزي لمدة خمس سنوات، وهو مشهد يتكرر للمرة الثانية مع محمد إبراهيم الوزير الحالي، وللمرة الثالثة في عصر الوزارة، وكانت المرة الثانية إبان عصر "الإخوان"، حين انتابت ضباط الأمن المركزي حالة من الغليان الشديد، ظهرت بوضوح أثناء تشييع جنازة النقيب أحمد البلكي ضابط الأمن المركزي وأيمن عبدالعظيم أمين الشرطة اللذين استشهدا أثناء تأمينهما سجن بورسعيد، وطرد خلالها الوزير من الجنازة العسكرية على هتافات الضباط "برة برة".
وقبل أربعة أعوام من تلك الواقعة، جاءت واقعة تمرد داخل الأمن المركزي على مشارف نهاية عهد الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، في عام 2009 وهي السيناريوهات التي تخشها الوزارة، وتهدد بدخول البلاد في حالة من الفوضى غير المسبوقة خاصة في ظل الأحداث التي تشهدها في الوقت الجاري، وظل الانشقاق السياسي، والصراع بين "الإخوان" والجيش في مصر والذي كانت آخرها إعلان الإخوان جماعة إرهابية.
الثورة التي أصبحت هاجسا، داخل الوزارة في لاظوغلي، كلما مرت إحدى الشائعات حول مدة سنوات الخدمة الإجبارية، دفعت المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، إلى نفي ما نشرته صفحة إخوانية على موقع التواصل الاجتماعي، حول مد خدمة المجندين لتصبح خمسة سنوات بدلا من 3 سنوات، مباشرة وبدون تردد أو تهاون، ومن خلفه بعدة دقائق المتحدث العسكري باسم الجيش المصري.
وكانت الثورة أو الانتفاضة كما يحلو لكل فصيل أن يسميها، والتي تصاحب سيرتها صداع داخل قيادات الداخلية، انفجرت بين جنود الأمن المركزي في منطقة الأهرامات، وتطورت على نحو واسع فوجئ بها الجميع حينها، انطلقت من معسكرين من معسكرات الأمن المركزي؛ يقع أولهما على الطريق بين القاهرة والفيوم، والثاني على الطريق بين القاهرة والإسكندرية.
واستمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع أعلن فيها حظر التجوال وانتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة واعتقل العديد من قوات الأمن المركزي وقامت طائرات الهليكوبتر بضرب معسكراتهم بالصواريخ، وحلقت الطائرات فوق رؤوس الجنود، وأعلن عن إثرها، إقالة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية آنذاك وعزل العديد من القيادات الأمنية واتخذت العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود والحد من أعدادهم ونقل معسكراتهم خارج الكتلة السكنية، كما اتخذت قرارات بتحديد نوعية الجنود الذين يلتحقون بالأمن المركزي مستقبلا.
وجاءت الشائعة الإخوانية، حسب وصف المتحدث باسم الداخلية، اليوم، لتصاحب هاجس تكرار أخطر تمرد أمني شهدته مصر عبر كل تاريخها، وأول مواجهة مسلحة بين المؤسسة الأمنية ممثلة فى الشرطة ومؤسسة الجيش، وهي ما قد يأمله، أنصار الإخوان، للتخلص من قيادات الجيش التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، الذي استهدف اغتياله من قبل جماعات إرهابية منذ شهور، علاوة على إدانته من جانب تنظيم الإخوان فيما يسمونه بأعمال العنف التي صاحبت فض اعتصامهم في "رابعة" و"النهضة".